يتحضر الثنائي حزب الله وحركة أمل لإطلاق ماكينته الانتخابية رسمياً لخوض غمار الاستحقاق النيابي القادم، فهو يدرك ان المواجهة الآن تهدف لكسر حلفائه انتخابياً، ونزع عدد من المقاعد النيابية التي تفقده الأكثرية البرلمانية، وكذلك محاولة تسجيل خرق في لوائحه لا سيما في البقاع الشمالي، مع توافر معلومات تؤكد ان السفارة الأميركية في عوكر تسعى لفرض تحالفات انتخابية بين حلفائها على الرغم من الخلافات والتناقضات الكثيرة في ما بينها (ناخبو القوات والمستقبل+الNGOs  وبعض العائلات والعشائر).

بعلبك الهرمل: حرمان تاريخي ممنهج

في جولة صغيرة على القرى والبلدات البقاعية تلمس عن كثب حجم المأساة التي يعانيها السكان في هذه المنطقة، نتيجة الأزمة المعيشية والانهيار الاقتصادي الذي ترك وقعه السيء عليهم أضعافًا مضاعفة مقارنة بالمناطق اللبنانية الأخرى، ذلك نتيجة الحرمان التاريخي الممنهج، وتورط الدولة وبعض الأحزاب في إفقار أهلها وتجاهلهم لعقود، ولا تزال.

وعلى الرغم ان الجوع والفقر المدقع لم يغيّر من قناعات عائلات وأبناء مدينة الشمس، خزان المقاومة وأصحاب الجباه السمراء بوقوفهم ومساندتهم للثنائي الوطني وخياراته، إلا ان نارًا تستعر تحت الرماد، التقطها الخصوم مبكرًا فأطلقوا حملات التضليل الممنهجة والشائعات المركزّة، وعملية كي الوعي بهدف تأليب الناس والعائلات والعشائر ضد المقاومة، مستخدمين كافة الوسائل بما فيها الإعلام والمال والرشوة الانتخابية.

يدرك مشغلو هؤلاء في السفارات ان للعشائر والعائلات البقاعية دورًا مؤثرًا وحاسمًا في الانتخابات، وثمة مساع، بعيدًا عن الأضواء لتشكيل أحلاف عشائرية ضد المقاومة، بالتوازي مع تحرك المنظمات غير الحكومية ال NGOs المدعومة بالمال والسياسة والإعلام اميركيًا، بريطانيًا، اماراتياً وسعوديا، حيث أعلن حزب سبعة ( وأمينه حسن شمص) خوض الانتخابات في كافة المناطق اللبنانية على 128 مقعدًا بما فيها بعلبك الهرمل، وثمة مرشحين مستقلين وغير مستقلين آخرين من العائلة، ما يعني تشتت الأصوات الناخبة داخل العائلة حول المقاومة من جهة، ومن جهة ثانية يشير الى عناية المشغلين بالعائلات البقاعية لا سيما عائلة شمص وأهميتها وتأثيرها على المسار الانتخابي ونتائجه في بعلبك الهرمل.

عائلة آل شمص: من أكبر العائلات البقاعية

تُعد عائلة شمص من أكبر العشائر والعائلات الفاعلة والمؤثرة لا سيما في البقاع الشمالي، وينتشر أبناؤها في عشرات المدن والبلدات والقرى اللبنانية، وبخاصة في منطقة بعلبك الهرمل، جبيل وكسروان، الغبيري والشياح.

بحسب لوائح الشطب الحديثة الصادرة أواخر عام 2021 بلغ عدد الناخبين من آل شمص (8423) منهم (6567) في منطقة بعلبك الهرمل فقط، وهم موزّعون بشكل أساسي في كل من بعلبك، بوداي، وادي الزين، شعث، شمسطار، مقنة، اللبوة، الهرمل، القصر، الكنيسة.. وغيرها.

50 عائلة تفرّعت من آل شمص

تفرّع من عائلة شمص خلال السنوات والعقود القليلة الماضية بسبب الظلم والاضطهاد السياسي والخلافات نحو 50 عائلة صغيرة وكبيرة، أغلبها كانت ولا تزال تمنح ثقتها وأصواتها لأي مرشح من آل شمص (نموذج دعم هذه العائلات للنائب يحي شمص في التسعينات وفوزه، وكذلك حصوله على آلاف الاصوات في ترشحه عام2018)، ومن هذه العائلات: ناصيف- فارس- الغويل- حيصون- أحمد- كركبا- بو النصر- بو ضاهر- ضاهر- الشوّاني – باز- حمزة- علاء الدين- حسين- عباس- فندي- بشير- جابر- الجبيلي- مشرف- فروخ- درويش-الحاج- الحاج علي- إبراهيم- شديد- بو قاسم- سعدة- يحي- عقيل- زين العابدين- سلّوم، البعلبكي، فضلًا عن عائلات كبرى أخرى متفرعة منها أيضاً هي: دندش- ناصر الدين- نصر الدين- سُجد- علّاو- علاّم..

وفي استعراض سريع لأعداد بعض ناخبي هذه العائلات التي لا تزال شمص حتى الآن، وأمكن إحصاؤها فهي:

ناصيف (بوداي ووادي الزين)(671)- كركبا (208)- ابو ضاهر(157)- حيصون(76)-الغويل(52)- الشواني (34)- فارس (16).. وغيرها، ومع إضافة هذه الفروع يصل عدد ناخبي العائلة الى 12000.

النزوح من الريف نحو بيروت ترك تأثيره على آل شمص كغيرها من العائلات البقاعية حيث استقرت شريحة كبيرة منهم في الغبيري والشياح وبعبدا في ضاحية بيروت الجنوبية، وبلغ عدد الناخبين منهم المسجلين في هذه الدائرة 308 أشخاص.

وتشير الإحصاءات الى ان أفراد عائلة شمص وحدها في كل لبنان قد تجاوز28 الفاً، وإذا أضفناها الى تلك العائلات المشار اليها، أي فقط تلك التي لا تزال شمص، فتعدّ من كبريات العائلات اللبنانية وليس البقاعية فحسب، وتُشكل رافعة أساسية، وقوة ناخبة وازنة وحاسمة في الانتخابات النيابية القادمة لا سيما في منطقة بعلبك الهرمل.

آل شمص في جبيل وكسروان: أكبر العائلات الشيعية الناخبة

انتشار العائلة على ضفاف نهر إبراهيم وفي منطقة جبيل وكسروان الفتوح قديم جداً، وهي تعد أكبر العائلات الشيعية من حيث عدد الأصوات الناخبة، وقد بلغ عدد ناخبيها 1548، وهم يتوزعون على عدد من البلدات، أهمها: مشّان(961 ناخبا)، فرحت(214)، يحشوش(122)، أدونيس(101)، مجدل العاقورة(95)، فرات (30)، عين الدلبة (25).. وغيرها.

دور العائلة السياسي والاجتماعي

قدّمت عائلة آل شمص التضحيات وعشرات الشهداء مع المقاومة دفاعًا عن لبنان، (حزب الله وحركة أمل)، ولمع أبناؤها في الميادين السياسية، العسكرية، الاجتماعية، الدينية، الثقافية، التربوية والإعلامية، ولديها دور مؤثر وجامع وحدوي مع أغلب العشائر والعائلات البقاعية.

هذه القوة الناخبة والمؤثرة وفيها شريحة واسعة منها داعمة للمقاومة تشعر اليوم بالقلق نتيجة التهميش والإهمال، وثمة محاولات لأخذها الى مكان آخر مع تزايد الحديث عن ترشح أحد خصوم المقاومة، بالتالي تأليبها ضد المقاومة والثنائي الوطني في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، والحملات الإعلامية المكثفة، وضخ المعلومات الكاذبة.

هل سترشح بعلبك الهرمل وجوهًا جديدة تلبي الطموحات!

في انتخابات عام 2018 ومع اشتداد الحملات الانتخابية ضد المقاومة، ورغم الدعم المالي الاماراتي والسعودي للخصوم استطاعت عائلة آل شمص التلاحم والوقوف الى جانب المقاومة، فساهمت بقوة في إفشال محاولات الخرق او كسر المقاومة، وحشدت كافة طاقاتها وشبابها وناخبيها، أما في الانتخابات القادمة الظروف قد تغيرت، والمزاج الشعبي يخضع لأنواع التضليل الإعلامي والحرب النفسية! فهل ثمة مقاربة مختلفة للثنائي “حزب الله وحركة أمل” في إدارة الاستحقاق الانتخابي؟ هل سيستثمر في هذه العائلة ورجالها ونخبها وقوتها الناخبة التي تعزز وتضمن الفوز لأي لائحة في قضاءي بعلبك الهرمل لا سيما انها ذات النفوذ والانتشار وتتعرض لمحاولات التأثير على ناخبيها وتفريق أصواتها!

والسؤال الأكثر أهمية وإلحاحاً وشيوعاً، هل سيخوض الثنائي الانتخابات بنفس الوجوه القديمة! أم سيلجأ الى تغييرها نزولاً عند رغبة البقاعيين ومطالباتهم بما يُلبي الطموحات والتطورات، وكذلك لإفشال مسعى الخصوم والمنافسين لا سيما السفارة الأميركية التي تدعم المرشحين من الوجوه الشبابية “المستقلة” في المنطقة للإيحاء بانها تعارض بقاء الطبقة السياسية القديمة الفاسدة في لبنان مع أنها هي من ساهم في صنعها أو دعمها، وبهذا تحرج المقاومة وتضعها وحلفاءها في خانة السلطة المتهمة بهدف التصويب عليها، وبالتالي إضعاف وتشتيت قاعدتها الشعبية الناخبة من حولها!